حائرة.. تحية طيبة وبعد، أنا سيدة متزوجة وأعيش بالمهجر مع زوجي، نتشارك الحياة الحلوة والمرة، ونقتسم كل شيء، لكن هناك اختلاف بيننا سببه التربية التي تلقاها كل واحد منا من طرف والديه، أنا اتبع خطوات الدين بما وجب علي من الصلاة وما إلى ذلك، في حين زوجي لايصلي ويكذب مرارا وتكرارا ويكره الكل حتى في بعض الأحيان أحسن أنه يكرهني، ويغار مني خصوصا حينما اشتغلت في منصب مثله، نشتغل في شركة واحدة وبدأ يستهزأ بي لأني في نظره لا أجيد لغة البلد الذي نقيم فيه، المشكلة التي أعاني منها بالتأكيد لن تحبها أية سيدة متزوجة، فزوجي يفضحني أمام أصدقائه الأجانب، هنا لا يعرفون الستر، ترى الشخص يتحدث عن أسراره الزوجية في قالب من النكتة والمرح لكن زوجي تناسى أننا لسنا مثلهم فنحن مسلمون، فمثلا إن قال شيئا ولو بسيطا عني لشخص واحد، الكل يعرفون به في غضون 15 دقيقة، خصوصا أنا أشتغل معهم ويعرفونني جيدا. زوجي يشتغل في المساء وأنا في الصباح فحينما أجيئ إلى عملي يأتي شخص لاستنطاقي بقالب من الضحك هل تفعلين كذا وكذا لزوجك؟ أنت تحبين هذه وهو يحب هذه.. تراهم يعرفون كل صغيرة وكبيرة عنا وأنا لا أدري. كل مرة أوبخه وأوصيه إلا يقول شيئا عني، وحتى وإن لم يقل عني فيتحدث عن نفسه، يقول أنا أفعل كذا وزوجتي لاتحبه، بي صفة أو عادة وهي لاتطيقها.
قال لي شخص إن زوجك قبيح أطلبيب الطلاق منه وتزوجي غيره، لا أدري لماذا يصور نفسه أمام الآخرين بهذه البشاعة في حين دائما أخبر الجميع أنني أحبه وأريد أن أشتري له هدية أو شيئا، وهم يلاحظون الفرق بيننا، وهو لايعاملني جيدا وأنا أعامله بالعكس، وليس كمثلهم يخافون من نسائهم ويحاولون إرضائهن لكن بدون جدوى.
لا أدري ماذا أفعل؟ لاأستطيع تغيير مكان عملي، خصوصا الآن في وقت الشتاء الكل يعاني من أزمة العمل، وأنا في منصب لا بأس به ولن أجد مثله أو خيرا منه. فكرت استقالتي لكن غلاء المعيشة هنا هو الذي يدفعني إلى العمل. المشكلة حتى العرب اللذين يشتغلون معنا يعرفون بكل شيء أتاني أحدهم وأخبرني. بالله عليكم ماذا أفعل مع هذا الرجل؟ يكثر عليّ المعجبون وهو لايدري، أتاني صديقه يقول لي: بك صفاة المرأة التي أحلم بها، لا أحب الأجانب لكني مضطرة إلى العمل معهم، أحب زوجي وأريد أن يهتدي إلى الطريق السليم وأن يعاملني جيدا، حتى المعاملة القبيحة التي يعاملني بها يفضحها ويفتخر بها أمامهم، بحكم نحن العرب رجالنا يضربون النساء ويصرخون في وجوهنا ولانقول شيئا وإن أراد أحد شراء شيء للبيت لايتشاور مع زوجته في حين هم العكس ترى المرأة هي التي تتحدث والرجل بقامته ساكت كالطفل. زوجي يفتخر بدينه لأنه أعطاه الحق في الزواج بأربعة وما إلا ذلك من افتخارات يفتخر بها أمام زملاء العمل.
أشيروا عليّ جزاكم الله كل خير فذهني شارد طوال الوقت في مشكلتي مع هذا الزوج لاأدري ماالحل؟
عزيزتي الحائرة.. من المؤكد أن إفشاء الأسرار الزوجية، ليس تصرفا سليما، وهو خطأ يصعب علاج نتائجه، لأنه يسمح لمن هب ودب بالتدخل في خصوصية العلاقة بين الزوجين، ويعطيهم المجال لتحقيق مآربهم على حساب سعادة هذه العائلة ومستقبلها.
إن صيانة العلاقة الزوجية مسؤولية مشتركة بين الزوجين، وإذا كان الزوج يعرض هذه العلاقة للخطر عندما يشيع أسرارها، فإن من الخطأ أيضا سماح الزوجة لأشخاص أجانب بالتدخل في علاقتها بزوجها، وتستمع لمدحهم لها، وذمهم لزوجها وحثها على طلب الطلاق منه، وترغيبها بالزواج بآخر يجد فيها كما يقول كل الصفاة التي يتمناها في شريكة حياته.
من هنا فإن المشكلة التي تتحدثين عنها لايمكن حلها مالم يتم محاصرتها، وإفهام زملائك في العمل، بالحدود التي يجب أن يتوقفوا عندها، طبعا بأسلوب حسن لاينفرهم منك ويكسبك احترامهم، ويجعلهم يفهمون حقيقة حبك لزوجك، وحقيقة القيم الدينية التي تنظم العلاقة الزوجية عند المسلمين، وهي قيم تعطي المرأة كامل حقوقها، وليس كما يصوره بعض المسلمين.
إن تفكيرك بترك العمل هو هروب من المشكلة وليس حلا لها، وحتى لو توفرت لك فرصة عمل أخرى، فمن الأفضل البقاء في عملك الحالي، والسعي بكل ثقة لتغيير نظرة زملائك عن علاقتكما الزوجية.
إن حبك لزوجك هو أساس قوي يمنحك القدرة على إصلاح الخلل الذي يعتري سلوكياته. كل ما تحتاجين إليه هو اختيار الأسلوب الذي يؤثر فيه، وعدم استعجال النتيجة، ومصارحته بكل شيء حتى لو تطلب إخباره بما يقوله الآخرون عنه وعنك، وحينها سيتغير إذا كان حريصا على سلامة ومستقبل حياته الزوجية.