عمر علوي ناسنا
Sunday, June 08, 2008
فيما تجتهد اليابان اليوم في تطوير النانو تكنولوجي( تكنولوجيا الأشياء الدقيقة)، بما يمكنها من رسم صورة مختلفة لمستقبل التوع البشري، يجتهد تلامذة المغرب في موسم امتحانات الباكلوريا في تصغير المقررات االدراسية بهدف استثمارها في لحظة الحساب .
هذا المشهد ليس هو هدفنا تحديدا ولكننا نريد في هذا المقال أن نتجاوز المظاهر السطحية للظاهرة المتصلة بتقنيات الغش ووسائله وإبداعاته أو صراع جيوش النقل مع قيادات الحراسة فيما بشبه الألعاب الإلكترونية، ولانريد أيضا أن نقف عند تلك المقاربة الأخلاقية التافهة التي تحاول أن تقاوم الظاهرة بالمواعظ والإرشادات التي تلفحها شمس الحقيقة والواقع قبل أن تصل مكنون الضمائر.
السؤال الذي أريد طرحه بهذا الصدد هو هل حصلت الحكومة المغربية على شهادة الباكلوريا؟
في ظل ثقافة مجتمعية لاتهتم إلا بالوصول السريع الوصول بلا جهد وبلا وقود، الوقوف على القمة بعصا سحرية يصبح معها الجهد والعمل سخافة اجتماعية وتصبح ثقافة الإجتهاد مدعاة للسخرية لدرجة أن المجتهد يشعر اليوم وكأن عليه أن يزور طبيببا نفسيا لمعالجة مرضه النفسي العميق مرض قناعة العمل وثقافة الجهد.
في ظل هذه الثقافة البغيظة يجري تجميل الأشكال الجديدة للتميز ، التميز بوسائط سخيفة تقلب الحياة راسا على عقب فإذا بمن كانوا يحتسون معنا تفاصيل اليوم البغيظة إذا بهم يتربعون فوق عرش الشهرة بمجرد الغناء أو بمجرد الوصول للضفة الأخرى وأحيانا بمجرد التخطيط البسيط لعملية سطو على مؤسة مالية.
النجاح السريع ليس فقط ثقافة مايسمى عصر السرعة بل هو مأساته الأولى حيث تغيب المعايير وتتراجع المقاييس ليتيه الجميع في سديم من الفوضى والعبث.
وبحدسه الإجتماعي تعلم التلميذ كيف يستفيد من هذه الثقافة بعد أن تشرب تفاصيلها جيدا فهو يعلم أن الوصول إلى البرلمان مثلا لايستند إلى نباهة وإلى قوة في الإقناع ،ولايحتاج الحصول على أية شهادة ، الأمر يتطلب فقط مصادقة الورقة الزرقاء وحسن المراوغة في الليلة التاريخية وشراء الذمم وببساطة يجد نفسه في قبة البرلمان حكيما واعظا مهندما ممرسدا( نسبة للمرسيديس).
يحطم الهاتف النقال القديم ويشرع في تدوين الأرقام الجديدة أرقام العالم الحر حيث النجاح هو قمة لاتنشغل كثيرا بوسائط الوصول.
الوصول أيضا إلى الوزرارة ليس مسألة صعبة ، لايتطلب الموضوع السهر لساعات متأخرة في دراسة الهم المغربي ولايتطلب عصر الرأس للحصول على أجوبة علمية تستند إلى ثقافة غزيرة للعبور بالمغرب من احتمالات السكتة الإقتصادية لفترة نقاهة جميلة تتفتح فيها بتلات الغد على احتمالات وجود مختلف وجود يلأخذ فيه قطار المغرب مكانه في السكة الصحيحة.
الموضوع يتطلب فقط حسن التزلف والتملق وكثيرا من نسيان الكرامةوالقيم ، والأهم شطارة في المراوغة وحسن العبور بين الصداقات والعداوات.
لذلك يمكن أن تجد لوحة غريبة لحكومة تجتمع فيها كل متناقضات المشهد السياسي.
لماذا على التلميذ المغربي أن يجتهد للحصول على معدل كبير ونسبة عالية وبلده محكوم بحكومة لم تمر بنسبة كبيرة بل سجلت أضعف نبة في المشاركة ومع ذلك لم يحدث شيء ولاحتى أن تصحح نظرة المغاربة وأن تثبت العكس مادامت راهنت على ذلك.
حين يكون بوسع من وصلوا بسرعة البرق وعبروا الحدود حاملين معهم ذكريات من المغرب هي أرصدة خيالية ولايحدث لهم شيء فإن التلميذ المغربي يعرف أيضا أنه لن يحدث له شيء فهو يقتدي بهذه الطبقة النبيلة المتخلقة التي طالما قدمت له المواعظ.
أحزاب كسولة يراهن منخرطوها على طرق نقل خبرات المرور السريع وبدون جهد حكومة كسولة لاتملك وقتا للمراجعة وحفظ الدروس وبناء الذات وتقوم بنقل ماتراه على طاولة الآخر حتى ولو كان فيه وبال المغرب ومقتله مؤسسات لاتشغل أفرادها بدلالة الجهد والمقدرة والكفاءة بل بمقاسات بروفيلية خاصة .
حين يكون هذا هو المغرب لماذا تطلبون من التلميذ المغربي أن ينجح في الباكلويا بجهده والجميع من حوله لم يحصل حتى على شهادة الوجود من أجل الوطن وفي الوطن؟
عن مدونة الحشرة المغربية