أفادت وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن المغربية أن 17 ألفا و511 حادثة عنف ضد النساء ارتكبت خلال السنة الجارية من قبل 10 آلاف و195 معتديا، ضمنها 78.8 في المائة من أعمال العنف ارتكبت من قبل الزوج، أي داخل الأسرة.
وسجلت الوزارة أزيد من عشرة آلاف مكالمة على الخط الأخضر المخصص للتبليغ عن حوادث العنف، أي بمعدل 838 مكالمة في الشهر، واعتبرت أن هذا العنف، يمارس نتيجة اقتناع الزوج بأنه صاحب السلطة داخل البيت، وعلى المرأة أن تكون خاضعة له، وتأتمر بأوامره، ولا تخالفها، وإلا أصبح من حقه تعنيفها.
واعتبرت نزهة الصقلي وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن المغربية خلال أشغال ورشة عمل لمناقشة مشروع قانون محاربة العنف ضد النساء المبني على النوع الاجتماعي، نظمتها الوزارة أخيرا بالرباط، أن معالجة الأسباب العميقة للظاهرة، تتطلب نشر وإشاعة ثقافة المساواة، وقالت إن الوزارة تتبنى رؤية تتأسس على ضرورة إطلاق حملات تحسيسية لنشر هذه الثقافة، بتعاون مع وزارات التربية الوطنية، والأوقاف والشؤون الإسلامية والاتصال.
ووصفت مرتكبي العنف ضد النساء، بإنهم أشخاص في حاجة إلى علاج نفسي لمساعدتهم على تغيير سلوكهم. وذكرت الوزيرة بالنظام الذي أرسته الوزارة من أجل جمع المعطيات على المستوى المركزي، وكذا لجنة الإعداد لإحداث مرصد وطني، سيضطلع بمهام التوجيه، والتنسيق بين ممثلي القطاعات الحكومية المعنية بهذه القضية.
وقالت الوزيرة إن طرح مشروع القانون مرة أخرى للنقاش، أملته ضرورة إيجاد حلول مناسبة للثغرات والمشاكل المرتبطة بالنصوص القانونية المعمول بها والواقع الاجتماعي، وأبرزت أن مشروع القانون يرتكز، بالإضافة إلى تعاليم الإسلام، على قيم المجتمع المغربي والمكتسبات التي راكمتها المملكة في مجال حماية حقوق المرأة.
وأكدت الصقلي، أن هذا اللقاء، يندرج في إطار تنفيذ الالتزامات الخاصة بالحقوق الإنسانية للنساء، وحمايتهن من العنف، ويتوخى تعميق النقاش حول هذا المشروع بهدف تحقيق توافق بشأنه.
وكمبادرة غير مسبوقة في المغرب وفي عدد من البلدان، قالت الصقلي في حوار صحافي أجري أخيرا معها، إن الوزارة "تعتزم إنشاء أول مركز نموذجي لعلاج الرجال مرتكبي أفعال العنف ضد النساء"، واستقت الوزارة هذه الفكرة "من خلال تجارب بعض الدول القليلة التي أصبحت تتوفر على مراكز تمنح من خلالها للرجال الذين يعنفون النساء فرصة التخلص من هذا السلوك، لأن هناك رجالا يقدمون على ممارسة العنف في حق النساء بدوافع تتجاوزهم هم أنفسهم، وهو ما يعكسه الندم الذي ينتاب هؤلاء بعد ارتكابهم هذا العنف، ويدفعهم إلى الاعتذار، لكنهم ما ينفكون يعاودون السلوك ذاته بعد فترة، وأحيانا يكون هؤلاء الرجال في حاجة إلى العلاج من أجل حمايتهم"، وقالت "في هذا المركز، يمكن أن يخضع هؤلاء للعلاج في الوقت الذي يكونون بصدد قضاء عقوبة صدرت في حقهم جراء ارتكاب العنف ضد النساء.
وأضافت أن توفير هذا المركز، لا يتنافى مع المساطر العادية والقانونية التي تعاقب مرتكبي العنف وحماية النساء من هذه الظاهرة".
واستعرضت نعيمة بنيحيى، مديرة شؤون المرأة والأسرة والطفولة بالوزارة، خلال الورشة نفسها مختلف الاقتراحات الواردة في المشروع والتي تهم بالخصوص، تعديل وإلغاء بعض فصول القانون الجنائي المتعلقة بالعنف ضد المرأة.
وأبرزت، في هذا الصدد، أن المشروع يتضمن فضلا عن الباب التمهيدي الذي يعرف العنف ويحدد أشكاله، الجسدي والنفسي والجنسي والاقتصادي، ثلاثة أبواب أخرى تحدد التدابير الزجرية ضد مرتكبي العنف ضد النساء، والمسطرة المتبعة في قضايا العنف ضد المرأة، إلى جانب باب يتضمن مقتضيات عامة.